العنف المذموم والقوة المشروعة
المذيع: إذاً دعني أنطلق وآخذ منكم هذه المعلومة: ما هو مفهوم العنف بعبارتكم، ومن منطلق مفهوم الفكر الإسلامي؟
الشيخ: في الفكر الإسلامي وفي عقيدتنا وإيماننا أن الله تعالى أنزل إلينا هذا الكتاب مفصلاً، فلدينا كل شيء مفصل، لا إهمال في هذه القضايا على الإطلاق، يفرق القرآن وهو الفرقان بين الخير وبين الشر بوضوح، يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين هذا وبين هذا بوضوح، يفرق بين القوة العادلة المشروعة وهي مطلوبة ولا بد منها: ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ))[الأنفال:60] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: {المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف}.
يُفرق بينها وبين العنف، العنف ليس من ديننا، فالعنف مذموم، لكن القوة المشروعة مطلوبة، من أين يأتي الإشكال؟ من الفهم، ويأتي الخلل في التطبيق، فالآن لدينا من لا يفرق بين الكذب وبين المعايير....
المذيع: فضيلة الشيخ! لغزارة علمكم أريد أن ألاحق العبارات واحدة تلو الأخرى: أنت قلت: إن هناك فرقاً في التطبيق، ماذا قصدت؟
الشيخ: الإشكال يأتي في التطبيق، وهذه لا بد أن نوضحها إن شاء الله، المهم عندما نتكلم عن ديننا الذي هو ما أنزله الله من وحي، فإننا نتكلم عن كمالات مطلقة لا شر فيها، لكن عندما نتكلم عن تطبيقي وتطبيقك له وواقع الحضارة الإسلامية، وواقع الدول الإسلامية يأتي فيها عنف، يكون فيها ظلم، ويكون فيها من الأخطاء التي لا يجوز أن تحسب على المبدأ والعقيدة والدين، إنما تحسب علي وعليك وعلى من فعلها.
المفهوم في الإسلام واضح ومحدد، الإسلام عندما يحدد العدل فهو عدل لنا وعلينا، لنا ولغيرنا، عندما يحدد العنف يحذر منا ومن غيرنا، وهذا لا يوجد في أي حضارة أخرى إلا في الحضارة الإسلامية التي كانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلافة الراشدة الأساس القوي التي قامت عليه.
المذيع: إذاً أنا أستنتج مما تقول: أن تطبيق هذا المفهوم يختلف، ومنه ينتج العنف؟
الشيخ: لا. مفهوم العنف نفسه يختلف، ما تراه أنت عنفاً ..
المذيع: أنا لا أتكلم ما بين الأمة الإسلامية والأمم الأخرى، بل أتكلم بين الأمة الإسلامية نفسها؟
الشيخ: الأمة الإسلامية نفسها يحصل بينها العنف، والجور.
المذيع: ما سبب عدم تطبيق المفهوم الصحيح للإسلام؟
الشيخ: إن أي مشكلة نعاني منها فهي بسبب ذلك، وهي أننا لم نفهم ديننا، ولم نعمل به كما أمر الله تبارك وتعالى، ومن هنا وجد في الإسلام طواغيت تستخدم العنف ضد الشعوب، ووجد في الإسلام أيضاً من المفكرين أحياناً أو من الأدباء، أو من بعض العلماء من كان في أسلوبه عنيفاً جداً مع العلماء الآخرين، ووجد أيضاً من العامة، ووجدت فرق منهجها الداعي هو العنف، كـالخوارج مثلاً.
نحن لا نزكي أنفسنا باعتبارنا بشراً وباعتبار حضارتنا جهداً بشرياً ..